کد مطلب:145748 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:136

خطبة الامام السجاد فی مدخل المدینة
فنزلت [عن فرسی] و تخطیت رقاب الناس حتی قربت من باب الفسطاط، و كان علی بن الحسین علیهماالسلام داخلا، فخرج و معه خرقة یمسح بها دموعه، و خلفه خادم معه كرسی، فوضعه له و جلس علیه، و هو لا یتمالك من العبرة، و ارتفعت أصوات الناس بالبكاء، و حنین الجواری و النساء.

و الناس من كل ناحیة یعزونه، فضجت تلك البقعة ضجة شدیدة.

فأومأ بیده الی الناس أن اسكتوا، فسكتت فورتهم، فقال علیه السلام:

الحمد لله رب العالمین [الرحمان الرحیم]، مالك یوم الدین، باری ء الخلائق


أجمعین، الذی بعد فارتقع فی السماوات العلی، و قرب فشهد النجوی، نحمده علی عظائم الامور، و فجائع الدهور، و ألم الفجائع، و مضاضة [1] اللواذع، و جلیل الرزء، و عظیم المصائب، القاطعة الكاظمة، الفادحة [2] الجائحة.

أیها الناس! ان الله تعالی - و له الحمد - ابتلانا بمصائب جلیلة، و ثلمة فی الاسلام عظیمة، قتل أبوعبدالله علیه السلام و عرته، و سبی نساؤه و صبیته، و داروا برأسه فی البلدان فوق عالی السنان [3] ، و هذه الرزیة التی لا مثلها رزیة.

أیها الناس! فأی رجالات منكم یسرون بقتله؟ أم أیة عین [منكم] تحبس دمعها و تضن عن انهمالها؟

قلقد بكت السبع الشداد لقتله، و بكت البحار بأمواجها، و السماوات بأركانها، و الأرض بأرجائها، و الأشجار بأغصانها، و الحیتان فی لجج البحار، و الملائكة المقربون، و أهل السماوات أجمعون.

أیها الناس! أی قلب لا یتصدع لقتله؟ أم أی فؤاد لا یحن الیه؟ أم أی سمع یسمع هذه الثلمة التی ثلمت فی الاسلام [و لا یصم]؟

أیها الناس! أصبحنا مطرودین مشردین [مذودین] شاسعین عن الأمصار، كأننا أولاد ترك و كابل، من غیر جرم اجترمناه، و لا مكروه ارتكبناه، و لا ثلمة فی الاسلام ثلمناها، ما سمعنا بهذا فی آبائنا الأولین، ان هذا الا اختلاق.


فوالله؛ لو أن النبی صلی الله علیه و آله و سلم تقدم الیهم [فی قتالنا كما تقدم الیهم] [4] فی الوصایة بنا لما زادوا علی ما فعلوا بنا، فانا لله و انا الیه راجعون، من مصیبة ما أعظمها، و أوجعها و أفجعها، و أكظها، و أقطعها [5] ، و أمرها و أفدحها، فعند الله نحتسبه فیما أصابنا، و ما بلغ بنا انه عزیز ذو انتقام.

قال: فقام صوحان بن صعصعة بن صوحان - و كان زمنا - فاعتذر الیه صلوات الله علیه بما عنده من زمانة رجلیة، فأجابه بقبول معذرته، و حسن الظن فیه، و شكر له و ترحم علی أبیه، انتهی [6] .


[1] المضاضة - بفتح الميم -: وجع المصيبة، «منه رحمه الله».

[2] في المصدر: المصائب الفاظعة، الكاظة الفادحة، و في البحار: المصائب الفاضعة، الكاظة الفادحة.

[3] في المصدر: من فوق عامل السنان.

[4] من المصدر و البحار.

[5] في المصدر و البحار: و أفظها.

[6] اللهوف: 230 - 226، عنه البحار: 149 - 147 / 45.